
منذ أوائل السبعينات، لم تكن “مزرعة الشيخ زايد” في الخوانيج مجرد أرض زراعية، بل كانت مساحة اجتمع فيها القادة، وتبلورت فيها ملامح مستقبل الدولة. في مارس 1971، احتضنت المزرعة لقاءات متواصلة بين المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه- وحكام الإمارات، حيث ناقشوا الخطوات النهائية لإعلان الاتحاد. ومع مرور الزمن، ظل هذا المكان شاهدًا على البدايات التي انطلقت منها دولة الإمارات نحو الريادة.
إلى جانب مكانتها التاريخية، تحمل “مزرعة الشيخ زايد” رمزية خاصة ترتبط بنهج زايد في بناء الدولة، حيث تعكس رؤيته في الجمع بين التنمية والإنسان، وبين الأرض والهوية. وقد كُلف كل من سيف الصيري القمزي، وعوض الصيري القمزي، ومطر الصيري القمزي بالإشراف على المزرعة منذ تأسيسها، فارتبطت بها العائلة بعلاقة امتدت لعقود، ما جعلها جزءًا من ذاكرة الوطن وجسرًا يربط الأجيال بموروثهم الوطني. واستمر إخلاصهم لهذا الدور على مدى خمسين عامًا، في تجسيد لقيم الوفاء والتقدير التي أرساها الشيخ زايد.
بإعلانه “مزرعة الشيخ زايد” موقعًا وطنيًا جديدًا لدولة الإمارات، يؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله-، التزامه بالحفاظ على إرث المؤسسين وترسيخ قيمة الأماكن التي شهدت محطات مفصلية في بناء الدولة. ويأتي هذا الإعلان ليضع المزرعة في مكانة تاريخية إلى جانب “دار الاتحاد” و”عرقوب السديرة”، باعتبارها معالم وطنية توثق لحظات مفصلية في مسيرة الاتحاد.
لا يكرّم هذا القرار تاريخ المزرعة فحسب، بل يعزز الوعي الوطني بأهمية صون المواقع التي شكلت ملامح الاتحاد. فهو يمنح الأجيال القادمة فرصة للتعرف على هذه المحطات المهمة في تاريخ الدولة، ويجسد رؤية القيادة في إبقاء روح الاتحاد حيةً في ذاكرة الوطن.
من خلال هذه الخطوة، يواصل سموه نهج والده في تكريم من حافظوا على إرث الإمارات، وربط الماضي بالمستقبل، ليبقى هذا المكان رمزًا يُلهم الأجيال القادمة ويمثل إحدى المحطات التاريخية التي صنعت مجد الدولة.