
أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن اعتماد مادة الذكاء الاصطناعي ضمن المناهج الدراسية في جميع مراحل التعليم الحكومي في دولة الإمارات. وقد لاقت هذه المبادرة تفاعلاً واسعاً من الخبراء والمعلمين وأولياء الأمور والطلاب، الذين اعتبروها رؤية استباقية تهدف إلى تمكين الأجيال القادمة من مهارات المستقبل ومواكبة التحولات التقنية بثقة ووعي.
إعداد جيل رقمي للمستقبل
وصفت المستشارة التربوية علياء الشامسي هذه المبادرة بأنها نقطة تحول مهمة في مسار التعليم بالإمارات، قائلة: «إدراج الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية يضع الإمارات في صدارة الدول التي تستثمر في بناء جيل مبدع ومؤهل تقنياً». وأضافت أن هذه الخطوة تعكس رؤية استراتيجية تستشرف المستقبل، وتؤسس لجيل قادر على الإبداع والابتكار.
من جانبها، أكدت الخبيرة التربوية آمنة المازمي أن تدريس الذكاء الاصطناعي في المدارس يعزز جاهزية الطلاب للتعامل مع عالم يتغير بوتيرة متسارعة. وقالت: «هذه المبادرة تمنح الطلاب القدرة على الابتكار واتخاذ القرارات المبنية على البيانات، وتفتح أمامهم آفاقاً واسعة في الاقتصاد الرقمي والتقنيات المتقدمة».
أكثر من مجرد برمجة
وأوضح خبير الذكاء الاصطناعي الدكتور محمد عبد الظاهر أن هذه الخطوة تتجاوز تعليم البرمجة فقط، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي سيُدرَّس كعلم مستقل بأسس علمية ومنهجية متقدمة. وأضاف: «الطلاب سيتعلمون مفاهيم أساسية مثل الخوارزميات والتعلم الآلي وتحليل البيانات، إلى جانب تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات حيوية مثل الصحة والبيئة والنقل».
المدرسة لم تعد مجرد ناقل للمعرفة
وأشارت التربوية سلمى عيد إلى أن إدراج الذكاء الاصطناعي في المناهج يعيد تعريف دور المدرسة، قائلة: «لم تعد المدرسة مجرد ناقل للمعرفة، بل أصبحت مصنعاً للعقول القادرة على التفكير والتحليل والابتكار في بيئة رقمية متسارعة».
بدوره، أكد التربوي وليد لافي أن نجاح هذه المبادرة يعتمد على المعلم بصفته الحلقة المحورية بين الطالب والمنهج. وشدد على أهمية توفير برامج تدريبية متخصصة وموارد تعليمية تفاعلية، بالإضافة إلى بناء مجتمع مهني لتبادل الخبرات بين المعلمين.
دعم الطلاب وأولياء الأمور
وبيّن مستشار الذكاء الاصطناعي التربوي أيمن النجار أن تعليم الذكاء الاصطناعي للأطفال لا يقتصر على البرمجة، بل يشمل بناء فهم شامل لمفاهيم الخوارزميات والتعلم الآلي وتحليل البيانات، إلى جانب تطبيقاته في مجالات الحياة المختلفة. ووصف الذكاء الاصطناعي بـ«لغة المستقبل التي لا يمكن تجاهلها».
وأشار المعلم إبراهيم القباني إلى أهمية تمكين المعلمين بالأدوات اللازمة لتبسيط المفاهيم المعقدة وتحويلها إلى محتوى مشوق ومحفز يساعد الطلاب على التفكير النقدي والإبداع. فيما أكد المعلم ريبال غسان العطا على ضرورة مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب، وابتكار أساليب تدريس مرنة تعزز الشغف وتنمي مهارات التعلم الذاتي.
وأعرب عدد من أولياء الأمور عن دعمهم لهذه الخطوة، مشددين على أهمية توفير برامج توعوية تساعدهم على فهم المفاهيم الجديدة ومساندة أبنائهم في رحلتهم التعليمية.
حماس الطلاب
وعبّر الطلاب راشد عزيزي (الصف العاشر)، ومريم السعودي (الصف السابع)، وخالد الحميدان (الصف التاسع) عن حماسهم لتعلم الذكاء الاصطناعي، مؤكدين أنه أصبح جزءاً أساسياً من حياتهم اليومية، ويمثل مجالاً واسعاً للإبداع. وأعربوا عن تطلعهم لفهم الخوارزميات وتطوير أفكار جديدة تسهم في بناء مستقبل ذكي يخدم المجتمع في مجالات حيوية كالصحة والبيئة.
رؤية تعليمية رائدة
من خلال إدراج الذكاء الاصطناعي في جميع مراحل التعليم، ترسم الإمارات ملامح جيل جديد يمتلك مهارات المستقبل وقادر على مواكبة الثورة الرقمية بثقة وتميز. هذه الخطوة لا تمثل مجرد تحديث للمناهج، بل تعكس تحولاً ثقافياً نحو مجتمع معرفي منافس يقود التنمية والابتكار.