
في مشهد يعبّر عن أهمية الصور القديمة في سرد الحكايات الإنسانية، تحوّلت صورة فوتوغرافية قديمة لطالب صغير يقفز فرحاً في الهواء إلى حديث الساعة في الإمارات. نشرت الصورة عبر حساب متحف زايد الوطني على “إنستغرام”، مرفقة بسؤال بسيط: “من هو هذا الطالب؟”، لتبدأ بعدها واحدة من أروع قصص التفاعل المجتمعي.
الصورة التقطت في عام 1966 في مدرسة النهيانية بمدينة العين، أول مدرسة نظامية في الإمارات. ولاحقاً، تعرّف يونس خميس عبدالله هادوك البلوشي على الطفل في الصورة، واكتشف أنها تعود لوالده الراحل، الذي توفي عام 2013، بعد أن أخبره أحد أقاربه عن الحملة التي أطلقها المتحف.
يقول يونس إن والده اصطحبهم في طفولتهم إلى متحف العين، حيث كانت الصورة معروضة هناك، وأخبرهم بأنها التُقطت له عندما كان طالباً في المدرسة النهيانية، التي أسسها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، في عام 1959.
تواصل يونس مع إدارة متحف زايد الوطني، وأكد لهم هوية والده، وقدم مجموعة من الصور والمعلومات حوله، ليصبح جزءاً من معرض “بداياتنا” الذي يسلط الضوء على بدايات الدولة ودور المغفور له الشيخ زايد في تأسيسها.
عبّر يونس عن فخره الكبير بعرض صورة والده قائلاً: “الصورة أصبحت إرثاً تفخر به العائلة، وسنحرص على زيارة المتحف جيلاً بعد جيل لنروي لأبنائنا قصة جدهم”. وأضاف أن والده كان يحب التصوير ويوثّق لحظاته رغم بساطة الكاميرات حينها، وكان يحتفظ بصوره من سفراته وعلاقاته مع أصدقاء من مختلف الجنسيات، ما يعكس روح التسامح والانفتاح في المجتمع الإماراتي منذ بداياته.
من جانبها، أوضحت فاطمة الحمادي، أمين متحف زايد الوطني، أن نشر الصورة جاء ضمن مبادرة مجتمعية تهدف للتعرف على الصور الأرشيفية والمساهمة في توثيق تاريخ الدولة، مشيرة إلى أن المدرسة النهيانية تمثل نموذجاً لرؤية الشيخ زايد في الاستثمار في التعليم كركيزة لبناء الوطن.
متحف زايد الوطني، الواقع في قلب المنطقة الثقافية بجزيرة السعديات في أبوظبي، لا يقتصر دوره على عرض المقتنيات التاريخية، بل يسعى لحفظ القصص التي تشكل هوية الإمارات، وتوثيقها للأجيال القادمة.
وهكذا، أصبحت قفزة فرح التقطت قبل أكثر من نصف قرن قصة وطن تُروى في المتحف الوطني، شاهدة على بساطة الماضي، وعظمة الحاضر، ورؤية المستقبل.