الخميس, 10 يوليو, 2025


إماراتيون يوثّقون تاريخ الوطن عبر الطوابع والأظرف النادرة
en
يوليو, 2025
جمع الطوابع الإماراتيين

بالنسبة لهواة جمع الطوابع الإماراتيين، لا تقتصر قيمة الطابع على كونه قطعة ورقية تُلصق على رسالة، بل يرونه نافذة تُطل بهم على الماضي، ومرآة توثّق أحداثًا وطنية، ومعالم معمارية، ومحطات شكلت مسيرة الدولة عبر الزمن.

يرى هؤلاء الهواة أن جمع الطوابع ليس مجرد اقتناء للنوادر، بل هو مساهمة حقيقية في حفظ الذاكرة الوطنية. ويقول عبدالله المطيري، خبير المسكوكات الإسلامية وجامع الطوابع والعملات: «أحيي كل من يتمسك بهذه الهواية في عصر التكنولوجيا. الجيل الجديد لا يهتم بها كثيرًا، لكن جمع الطوابع وعرضها في المعارض رسالة من الآباء للأبناء. من ليس له ماضٍ، ليس له حاضر ولا مستقبل».

ويعبّر المطيري عن أسفه لتراجع دور البريد التقليدي اليوم، موضحًا أنه يمتلك صندوقي بريد، يفتحهما كل يومين دون أن يجد أي رسالة، لكنه يواصل دفع إيجارهما السنوي بدافع شغفه. وأشار إلى أن طباعة الطوابع باتت مقتصرة على مناسبات محددة وبكميات قليلة جدًا مقارنة بالسابق، مستذكرًا زيارته إلى مالطا حيث اشترى مجموعة طوابع خاصة بالمواصلات، ولا يزال يتلقى حتى اليوم إشعارات بالإصدارات الجديدة تقديرًا لاهتمامه.

وأكد المطيري ضرورة استمرار المؤسسات بإصدار الطوابع لربط الأجيال الجديدة بتاريخ البلاد، وعدم حصرها فقط في المعارض الخاصة. وأضاف أن العملات الورقية أيضًا باتت مهملة أمام الدفع الإلكتروني، لكنها مثل الطوابع، تحمل في طياتها إرثًا وتاريخًا يستحق التوثيق، مشددًا على دور الإعلام في نشر الوعي بأهمية هذا الإرث.

الطوابع.. تاريخ صامت

من جهته، قال عمر محمد أحمد معلمي، أمين سر جمعية الإمارات لهواة الطوابع، إن الطوابع تشكّل جزءًا من تاريخ الدولة ومناسباتها الوطنية والعالمية، موضحًا أن أول طابع إماراتي يبقى الأهم في أي مجموعة لأنه يختصر معالم كل إمارة.

وبيّن أن الطوابع التي تتضمن أخطاء في السعر أو التصميم أو القص تُعد نادرة وقيمتها عالية جدًا، إذ قد يخرج 20 طابعًا بخطأ من بين 100 ألف طابع مطبوع. وأشار إلى أن قلة استخدام الطوابع في زمن المراسلات الإلكترونية جعلت الإصدارات محدودة للغاية.

ووجّه رسالة إلى الشباب بضرورة زيارة معارض الطوابع لفهم قيمتها التاريخية والثقافية، مطالبًا وزارة التربية والتعليم بتنظيم فعاليات تعريفية للأطفال لغرس هذه الثقافة منذ الصغر.

شغف الطفولة

أما ناصر بن أحمد بن عيسى السركال، عضو مجلس إدارة جمعية الإمارات لهواة الطوابع، فقد بدأ شغفه بالطوابع في سن الثامنة، وورث الهواية عن والده وجده. اليوم يملك مجموعة نادرة تضم أول طابع بريدي في العالم صدر ببريطانيا عام 1840، ومجموعة طوابع دبي منذ عام 1909 وحتى 1973، والتي عرضها في مكتبة محمد بن راشد.

وتحكي مجموعته قصة بريد دبي منذ بداياته تحت الإدارة الهندية، ثم الباكستانية لفترة وجيزة، فالبريطانية، وصولًا إلى الإدارة المستقلة عام 1963، وتضم طوابع نادرة وأظرفًا تاريخية. ويرى السركال أن الطوابع ليست صورًا تُلصق على الرسائل فقط، بل تعرّف الدول الأخرى ببلدنا، مستشهدًا بطوابع الفضاء التي أصدرتها دبي عام 1964 وكيف تحقق حلمها لاحقًا مع إطلاق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ.

ليتها تعود

وأعرب محمد خميس محمد، عضو جمعية الإمارات لهواة الطوابع، عن أمله بعودة الطوابع إلى تعاملات حياتنا اليومية، معتبرًا أن لكل طابع قصة ورمزًا يعرّف بتاريخ واقتصاد وحضارة البلد الذي أصدره، ويتيح للجمهور التعرف على تاريخ ربما لم يسمعوا به من قبل.

إصدارات مبتكرة

أصدرت الإمارات على مدار سنوات طويلة طوابع بريدية وتذكارية مميزة، من بينها طوابع «إكسبو 2020 دبي»، و«كوب28»، ومجموعات يوم الاتحاد بتصاميمها المستوحاة من شعار الدولة. واحتفالًا باليوبيل الذهبي، أطلقت مجموعة بريد الإمارات أول طابع في المنطقة بتقنية الرموز غير القابلة للاستبدال (NFT)، ليكون إصدارًا رقميًا مرتبطًا بنسخته الورقية التقليدية، ما يعكس ريادة الإمارات في تبني أحدث الابتكارات.