السبت, 02 أغسطس, 2025


وجهات دبي الساحرة.. مساحات من الفن تنطق بالروعة والإلهام
en
يوليو, 2025
دبي وفضاءات الفن

تتميّز دبي بمشهد إبداعي متنوع يزخر بالفنون والثقافة والترفيه، حيث تلتقي الجماليات بالتجارب الملهمة في وجهات تحتضن الحكاية والمتعة والفائدة. هذه الوجهات، بتنوّعها وتفرّدها، تلبي تطلعات مختلف الفئات والأعمار والثقافات، لتمنح الزائرين تجارب لا تُنسى.

ومن بين أبرز هذه المحطات الإبداعية التي تألقت على الساحة العالمية، نسلط الضوء على وجهتين بارزتين: مسرح “تودا” للفن الرقمي، ومتحف “آرتي” دبي، حيث يتحول الفن إلى تجربة تفاعلية نابضة بالحياة.

مسرح تودا: الفن يتنفس على كل جدار

يقع مسرح تودا في قلب سوق مدينة جميرا، وهو يختلف تمامًا عن أي مسرح تقليدي. عند دخولك، تجد نفسك محاطًا بالأضواء والصور والأصوات من كل جانب، وكأنك انتقلت إلى عالم افتراضي ينبض بالحياة. يمتد المسرح على مساحة 1800 متر مربع، تستغل بالكامل لتغمر الزائرين بتجربة بصرية سمعية متكاملة تنقلهم إلى عوالم سريالية، بعضها ينبض بالمشاعر، وبعضها الآخر يدهشك بجماله البصري.

لكن ما يجعل “تودا” فريدًا حقًا، هو تفاعليته. العروض هنا ليست مجرد مشاهد تمر أمامك، بل تجارب تمسّ شيئًا داخلك. قد تجد نفسك في إحدى الليالي مستمتعًا بصوت فيروز في أمسية لبنانية دافئة، وفي ليلة أخرى تسافر مع ألحان من الهند، أو تتبع قصة حياة فريدا كالو المعروضة بأسلوب بصري يحبس الأنفاس. حتى محبو الجاز، وعشاق الموسيقى الإيطالية، وقراء جلال الدين الرومي، لهم ليالٍ خاصة تنبض بالروح والإحساس.

ويمضي “تودا” في منحاه العصري عبر مزج عروض الوسائط المتعددة، والمعارض التفاعلية، وتجارب الواقع الافتراضي. إنه ليس مكانًا تُشاهد فيه الفن، بل تُصبح أنت جزءًا منه.

متحف آرتي: عندما تتنفس اللوحات وتزهر الأصوات

على بُعد دقائق من تودا، وتحديدًا داخل دبي مول، يقع متحف آرتي، لكنه يقدم تجربة فنية مختلفة تمامًا، لا تقل سحرًا عن الأولى. ففي حين يركز “تودا” على الأداء والعروض الحية، يأخذك “آرتي” في جولة تأملية بين الطبيعة والفن الكلاسيكي، ولكن برؤية تكنولوجية عصرية تبدو وكأنها من عالم آخر.

يمتد المتحف على مساحة ضخمة تصل إلى 30,000 قدم مربعة، ويضم 14 منطقة عرض مختلفة، لكل منها أجواؤها ومزاجها الخاص. تخيل أنك تسير بين شلالات مضاءة تنبض بالصوت والحركة، أو تتنقل وسط حقول من الزهور المتغيرة، أو على شاطئ نجمي يستجيب لخطواتك. المعرض الرئيسي الذي يحمل عنوان “الطبيعة الخالدة” هو مزيج شعري بين الصوت والصورة والرائحة، حيث يمكنك أن “تشعر” فعلاً بالغابة أو نسيم البحر وأنت تمشي داخله.

الجميل في تجربة آرتي هو شعورك وكأنك داخل لوحة، لا أمامها. لوحات مونيه وفان غوخ وغيرها تتحول إلى مشاهد حية من خلال تقنيات العرض الضوئي والرسوم المتحركة والموسيقى التصويرية المصاحبة. مزيج ساحر بين الماضي الفني العريق، والحاضر التكنولوجي الذي يعيد تقديمه بروح جديدة.

وليس كل شيء بصريًا فقط. فهناك مناطق تفاعلية تتغير بناءً على حركة الزائر، وركن مخصص يقدم مشروبات مبتكرة مستوحاة من طبيعة المعرض. تجربة تنغمس فيها كل الحواس.

ما يميّز كلًا من “تودا” و”آرتي” هو فهمهما العميق لمعنى الفن الحديث: أن يكون قريبًا من الناس، أن يحرك فيهم شيئًا، أن يُدهشهم. الفن هنا ليس صامتًا أو جامدًا. بل هو ممتع، نابض، وغالبًا ما يلامس مشاعرك قبل عينيك.

هذه الأماكن لا تقدّم مجرد عروض أو معارض، بل تمنحك لحظات تأمل ودهشة، وحتى اتصالًا داخليًا مع نفسك أو مع من حولك. في عالم سريع ومزدحم، تمنحك هذه التجارب فسحة للتوقف، للاندهاش، وللشعور الحقيقي بالجمال.

سواء كنت من سكان دبي أو زائرًا يبحث عن تجربة مختلفة، تأكد أن زيارة “تودا” ومتحف “آرتي” ستكون من تلك اللحظات التي لن تُمحى من ذاكرتك. فهذه ليست أماكن لمشاهدة الفن فقط، بل أماكن لتعيشه، وتحس به بكل كيانك.