
تحتفل دولة الإمارات في 28 أغسطس بـ يوم المرأة الإماراتية، والذي يحمل هذا العام بعداً استثنائياً، إذ يتزامن مع الذكرى الخمسين لتأسيس الاتحاد النسائي العام. وقد وجّهت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات”، رئيسة الاتحاد النسائي العام، باعتماد شعار “يداً بيد نحتفي بالخمسين” ليكون شعار المناسبة لهذا العام، تجسيداً لشراكة المرأة في بناء الوطن، واحتفاءً بإسهاماتها الممتدة في مختلف الميادين، وعلى رأسها القطاع الثقافي.
المرأة الإماراتية.. ركيزة في القوة الناعمة للدولة
برزت المرأة الإماراتية خلال السنوات الماضية كعنصر فاعل ومحوري في الصناعات الثقافية والإبداعية، ليس فقط كمبدعة وفنانة، بل أيضاً كقائدة ومخططة ومنفذة للمشاريع الثقافية الكبرى التي تضع الإمارات في صدارة المشهد الثقافي العالمي.
ومن أبرز هذه المشاريع، “متحف زايد الوطني”، المقرر افتتاحه في ديسمبر المقبل، والذي كشفت بيانات حصرية أن النساء الإماراتيات يشكّلن 60% من إجمالي فريق العمل فيه، منهن 37% يشغلن مناصب قيادية. وقد شاركت أكثر من 54 امرأة إماراتية منذ انطلاق المشروع في مجالات متعددة مثل البحوث والتفسير المتحفي، التعليم، التصميم، وتطوير البرامج العامة.
“المرأة ليست جزءاً من الحكاية، بل هي جوهرتها”
قالت هند الخوري، مديرة إدارة التسويق والاتصال في متحف زايد الوطني:
“يعد يوم المرأة الإماراتية مناسبة للاعتراف بالدور الحيوي الذي تؤديه المرأة في بناء المجتمع، فهي شريكة في التنمية، حارسة للتراث، وقائدة في مجالات متعددة. وفي متحف زايد، نروي قصصاً تجسد روح دولة الإمارات، القائمة على الانتماء والرحمة والكرم. والمرأة ليست مجرد جزء من هذه الحكاية، بل هي جوهرتها.”
في السياق ذاته، أوضحت موزة مطر، مديرة إدارة أمناء المتحف والمقتنيات بالإنابة، أن قصص المرأة الإماراتية ليست ماضياً يُروى، بل حاضر حي يُشكل المستقبل، مشددة على أهمية إبراز هذا الدور في السرد المتحفي الملهم للأجيال القادمة. وأضافت: “من التعليم إلى بناء المجتمع، للمرأة دور محوري نفتخر بتوثيقه في متحف زايد الوطني، عبر برامج ومعارض تحتفي بعطائها، وتستلهم من حكمتها وقوتها ومرونتها.”
“اللوفر أبوظبي”.. جسور تواصل تبنيها الإماراتيات
وفي متحف اللوفر أبوظبي، تواصل المرأة الإماراتية تأكيد حضورها القيادي في شتى القطاعات، إذ تشارك العديد من الكفاءات النسائية في إدارة وتوجيه برامج المتحف، بما يعزز رسالته الثقافية والإنسانية.
تقول عائشة الظاهري، كبيرة مسؤولي مرشدي المتحف ورئيسة وحدة التواصل المجتمعي:
“يتيح لي عملي نشر جماليات الفن داخل المجتمع، وأجد في المتحف جسراً يربط بين ثقافتنا ومجتمعنا. تشجيع النساء الإماراتيات على الانخراط في القطاع الثقافي ضروري للحفاظ على تراثنا وتحفيز الإبداع للأجيال القادمة.”
وأضافت: “من أكثر اللحظات التي أعتز بها، هي تلك التي أرى فيها الفرح على وجوه كبار المواطنين، أو أصحاب الهمم، أو الأيتام أثناء زياراتهم للمتحف. مثل هذه اللحظات تذكّرني بقوة الفن في التأثير والتغيير.”
نحن في قلب الحوار الثقافي
من جانبها، عبّرت نورة محمد المنصوري، موظفة التعليم المتحفي في اللوفر أبوظبي، عن فخرها بكونها جزءاً من مشهد ثقافي يعكس هوية الإمارات أمام العالم.
“نلتقي بزوار من مختلف الجنسيات، ويتضح لنا كيف يمكن لعمل فني واحد أن يتجاوز حواجز اللغة والجغرافيا ليخلق لحظة تواصل إنساني عميق.”
وأشارت إلى تجربتها في العمل مع طلاب المدارس ضمن برنامج “إبداع وتفنن”، قائلة:
“مشاهدة الطلاب وهم يقدمون تفسيراتهم الخاصة للأعمال الفنية، سواء عبر العروض المسرحية أو الفنون البصرية أو الكتابة، تذكّرنا بأن الفن ليس شيئاً ثابتاً، بل كائن حي يتجدد مع من يتفاعل معه.”
وختمت قائلة: “كوني امرأة إماراتية أعمل في قطاع الثقافة، أشعر بمسؤولية كبيرة وفخر عميق بأن أكون جزءاً من حوار ثقافي بين الماضي والحاضر، وبين المحلي والعالمي.”
تكريم مستحق لمسيرة وطنية
يمثل يوم المرأة الإماراتية هذا العام محطة جديدة للاعتراف بالدور الرائد الذي تؤديه المرأة في الحفاظ على التراث، وإبراز الهوية الوطنية، والمشاركة الفاعلة في بناء مستقبل ثقافي مشرق.
فالمرأة الإماراتية اليوم ليست فقط شاهدة على التحولات الكبرى التي شهدها الوطن، بل هي صانعة لها، وقائدة لمسيرتها القادمة.