
في التاسع من سبتمبر عام 2009، شهدت دبي تحولاً نوعياً في مجال النقل الحضري، مع تدشين مترو دبي على يد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله. ومنذ ذلك اليوم، أصبح المترو أحد أبرز ملامح النهضة العمرانية والاقتصادية التي تشهدها الإمارة، ووسيلة نقل أساسية يعتمد عليها السكان والزوار على حد سواء.
تجربة استثنائية بلا سائق
تميّز مترو دبي منذ انطلاقه بكونه أطول مشروع مترو في العالم يعمل دون سائق، معتمدًا على أحدث التقنيات العالمية في التشغيل والسلامة. وقد حافظ على كفاءة تشغيلية عالية ودقة في مواعيد الرحلات، ما جعله مثالاً يحتذى في النقل الجماعي الحديث في المنطقة.
نمو متواصل في عدد الركاب
شهد مترو دبي نموًا كبيرًا في أعداد مستخدميه، إذ ارتفع من نحو 39 مليون راكب في عام 2010 إلى أكثر من 275 مليون راكب في عام 2024، بإجمالي يتجاوز 2.6 مليار راكب منذ بداية التشغيل. ويبلغ متوسط عدد مستخدميه يوميًا حوالي 900 ألف راكب، ما يعكس ثقة المجتمع في هذه الوسيلة الحيوية للتنقل.
توسّع مستمر في الشبكة
لم يقتصر نجاح المترو على الأرقام، بل شمل التوسع في البنية التحتية أيضًا. فقد ارتفع طول الخطوط من 52 كيلومترًا عند الافتتاح إلى نحو 90 كيلومترًا اليوم، فيما ارتفع عدد المحطات من 10 إلى 53 محطة، وعدد القطارات من 79 إلى 129 قطارًا. هذا التوسع يعكس استجابة هيئة الطرق والمواصلات لمتطلبات النمو الحضري والسكاني المتسارع في دبي.
مسار 2020.. خطوة نحو المستقبل
ضمن خطة التوسعة، تم تنفيذ مشروع “مسار 2020” لربط الخط الأحمر بموقع معرض إكسبو 2020، بطول 15 كيلومترًا، يضم 7 محطات جديدة تخدم مناطق حيوية مثل الحدائق، ديسكفري جاردنز، الفرجان، ومجمع دبي للاستثمار. وقد أصبح هذا المسار شرياناً جديداً يربط بين أبرز مناطق الإمارة، ويخدم أكثر من 270 ألف نسمة، بمدة رحلة لا تتجاوز 16 دقيقة من مرسى دبي إلى موقع إكسبو.
الخط الأزرق.. مستقبل النقل الحضري
في يونيو الماضي، وُضع حجر الأساس لمشروع “الخط الأزرق”، الذي يمثل أحد أكبر مشاريع التوسعة في تاريخ المترو. يمتد الخط على مسافة 30 كيلومترًا، ويضم 14 محطة، ويخدم تسع مناطق حيوية يقطنها نحو مليون نسمة. ومن المقرر الانتهاء منه في عام 2029، بالتزامن مع الذكرى العشرين لتشغيل مترو دبي.
ويمتاز هذا الخط بعدد من الابتكارات، منها أول جسر للمترو يعبر خور دبي بطول 1300 متر، ومحطتين بتصاميم أيقونية في مرسى خور دبي وواحة دبي للسيليكون. كما يضم أكبر محطة نفقية انتقالية في الشبكة، بمساحة تتجاوز 44 ألف متر مربع، وبطاقة استيعابية تصل إلى 350 ألف راكب يوميًا. وقد صُمم المشروع وفق معايير “الفئة البلاتينية” للمباني الخضراء، ما ينسجم مع رؤية دبي في تعزيز الاستدامة وحماية البيئة.
مركز تحكم عالمي المستوى
يُدار مترو دبي من خلال مركز تحكم يُعد من بين الأحدث عالميًا، يعمل على مدار الساعة لمراقبة كافة العمليات التشغيلية والتقنية للخطين الأحمر والأخضر. يقوم المركز بمتابعة حركة القطارات، وأنظمة التهوية، والإطفاء، والتكييف، ومعلومات الركاب، ما يساهم في رفع كفاءة التشغيل، تقليل الأعطال، وتسريع عمليات الصيانة.
مترو دبي.. قصة نجاح مستمرة
بعد 16 عاماً من التشغيل، لم يعد مترو دبي مجرد وسيلة نقل، بل أصبح جزءاً لا يتجزأ من هوية المدينة، ومثالاً يُحتذى به في التخطيط الحضري الذكي والمستدام. ومع مشاريع التوسعة الطموحة كمشروع “الخط الأزرق”، يستمر المترو في مواكبة تطلعات دبي نحو المستقبل، كمدينة عالمية سبّاقة في تبني حلول النقل الذكي والمستدام.
المترو اليوم ليس مجرد وسيلة تنقل، بل هو تجربة حضارية تعكس روح دبي المتجددة، وتُجسّد رؤيتها في بناء مدن ذكية، مستدامة، ومتطورة.