
أكد معالي محمد عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء رئيس القمة العالمية للحكومات، أن البشرية تقف على أعتاب منعطف تاريخي يتطلب تعزيز الجاهزية والاستباقية لتحويل التحديات إلى فرص حقيقية على مستوى العالم، مشيراً إلى أن سر نجاح الحكومات في مواكبة المتغيرات المتسارعة، يكمن في التحرك بسرعة تفوق تلك التغيرات.
جاء ذلك خلال كلمته في افتتاح «خلوة السفراء» التي نظمتها مؤسسة القمة العالمية للحكومات بالتعاون مع وزارة الخارجية، ضمن مبادراتها الرامية لتعزيز التعاون الدولي وتصميم حكومات المستقبل، بمشاركة أكثر من 100 سفير ورئيس بعثة دبلوماسية لدى الدولة، حيث طرحوا رؤاهم حول سبل تعزيز الشراكات الدولية وبناء نماذج حكومية أكثر مرونة وابتكاراً.
وحضر الخلوة معالي عهود بنت خلفان الرومي، وزيرة دولة للتطوير الحكومي والمستقبل ونائبة رئيس القمة العالمية للحكومات، ومعالي عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، نائب رئيس القمة.
وقال معالي محمد بن عبدالله القرقاوي: “برؤى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، فإن القمة العالمية للحكومات أصبحت منصة دولية للعمل المشترك وتعزيز العلاقات بين الدول، واستشراف المستقبل، وتمكين الحكومات من ابتكار حلول استباقية لأهم التحديات التي تواجه البشرية.”
وأضاف أن خلوة السفراء تمثل محطة سنوية للحوار وتبادل الأفكار وتعزيز التعاون الدولي، مشيداً بالدور المحوري للسفراء والدبلوماسيين في توسعة نطاق تأثير القمة منذ انطلاقها وحتى اليوم، حتى أصبحت التجمع الأكبر للحكومات على مستوى العالم.
وتحدث معاليه عن مسيرة القمة منذ انطلاقها في عام 2013، مشيراً إلى أن القمة استضافت خلال هذه السنوات أكثر من 100 رئيس دولة وحكومة، و3070 متحدثاً، وبلغ عدد المشاركين أكثر من 48 ألفاً، كما تم توقيع 100 مذكرة تفاهم واتفاقية ثنائية عبر منصتها.
وأوضح أن القمة أصبحت أكبر منصة لتبادل الخبرات الحكومية حول العالم، من خلال فعالياتها ومنتدياتها المتخصصة، وعلى رأسها “منتدى تبادل الخبرات الحكومية” الذي تحول إلى أداة لتعزيز التعاون وتحويل المعرفة إلى عمل من خلال استراتيجيات مستقبلية تساعد الحكومات على تجاوز التحديات وتسريع تنفيذ المبادرات.
كما استعرض معالي القرقاوي التأثير المتنامي للقمة على المستوى العالمي، مشيراً إلى عدد من المشاركات الدولية البارزة مثل المنتدى الوزاري لحكومة البرازيل حول التحول الرقمي، وورشة وزارة التجارة الأمريكية لمناقشة حوكمة الذكاء الاصطناعي، موضحاً أن رسالة القمة وصلت إلى ملايين الأشخاص وحققت ما يقارب المليار انطباع إعلامي عالمياً، بفضل شراكاتها الإعلامية الدولية.
وأشار إلى أن جائزة “أفضل وزير في العالم” أصبحت أضخم جائزة عالمية لتكريم القيادات الحكومية والاحتفاء بإنجازاتهم في خدمة المجتمعات، كما تطرق إلى نتائج الاستطلاع العالمي للوزراء الذي أطلقته القمة بالتعاون مع شركة PwC، والذي أظهر أن 74% من الحكومات تحتاج إلى موارد مالية لتأهيل كوادرها، و68% تواجه صعوبة في الاحتفاظ بالمواهب، وأكثر من 30 حكومة غير مستعدة للمستقبل، مؤكداً أن هذه النتائج تمثل دعوة للعمل المشترك لتحويل التحديات إلى فرص.
وأشاد معاليه بدور السفراء والدبلوماسيين في تعزيز مشاركة الحكومات في الاستطلاع، وفي توسيع شبكة العلاقات الاستراتيجية وتبادل أفضل الممارسات والخبرات.
وكشف معالي محمد عبدالله القرقاوي أن الدورة القادمة من القمة ستشهد تنظيم أكثر من 200 جلسة، وإطلاق 15 تقريراً استراتيجياً، بمشاركة أكثر من 400 متحدث، و80 من قادة المنظمات الدولية والإقليمية، وحضور أكثر من 6000 من قادة الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات العالمية. كما أشار إلى أن القمة ستشهد مسارات جديدة وأهدافاً أوسع وتعاوناً أعمق بين الحكومات، إلى جانب استضافة النسخة الثانية من المنتدى الاقتصادي والاستثماري بالتعاون مع حكومة الإكوادور.
وشهدت الخلوة عقد جلسة حوارية بعنوان “إعادة تعريف الدبلوماسية التجارية” شارك فيها معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، وأدارتها دبي بالهول الرئيسة التنفيذية لمؤسسة فكر، حيث أكد معاليه أن الموقع الجغرافي المميز لدولة الإمارات جعلها نقطة التقاء طبيعية بين قارات العالم ومسارات التجارة، مشيراً إلى أن الدولة بنت رؤيتها المستقبلية على هذا الأساس لتعزيز التعاون التجاري الدولي وتحقيق علاقات اقتصادية إيجابية.
وأكد على أهمية بناء وتعزيز الثقة من خلال الحوار والتعاون الدولي الفاعل، متحدثاً عن مبادئ رئيسية لتوسيع دائرة التجارة الدولية، أبرزها توسيع الاتفاقيات الثنائية والتركيز على النمو المستدام.
واتفق المشاركون على أن الدبلوماسية التجارية أصبحت أداة محورية لضمان النمو المستدام، وتعزيز مرونة سلاسل الإمداد، وتوسيع التعاون الاقتصادي الدولي، مشيرين إلى أن دورها تجاوز مجرد فتح الأسواق، لتصبح وسيلة لتعزيز الشراكات الناشئة وجذب الاستثمارات النوعية وبناء سلاسل إمداد مرنة تربط الشرق بالغرب والجنوب العالمي.
وأشاروا إلى أن إعادة تعريف الدبلوماسية التجارية بات عاملاً أساسياً في تعزيز مصداقية الأسواق، وتعميم الابتكار، وبناء شبكات اقتصادية أكثر مرونة.
وفي جلسة أخرى بعنوان “الدبلوماسية الاستراتيجية: مسارات تعاونية من أجل مستقبل مشترك”، شارك الدكتور سمير ساران، رئيس مؤسسة أوبزرفر ريسيرش فاونديشن في الهند، وسعادة رشيد سي ساي، سفير جمهورية سيراليون لدى الدولة، حيث أكد المتحدثون أهمية وضع أطر دبلوماسية مبتكرة تعزز الثقة وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون والشراكات العابرة للحدود.
وشدد الدكتور ساران على أهمية القمة العالمية للحكومات كمنصة كبرى للمعرفة والابتكار وتبادل التجارب، مشيراً إلى أنها تشكل مساحة مهمة للتعلم والاطلاع على أفضل الممارسات والنماذج الحكومية العالمية.
من جهته، قال السفير رشيد سي ساي إننا نعيش في عالم متعدد الأقطاب، ما يتطلب تطوير أدوات المشاركة الدبلوماسية وأساليب التحديث المستمر، مؤكداً حرص بلاده على المشاركة الدائمة في القمة لما تمثله من فرصة لتبادل التجارب والاستفادة من خبرات الآخرين.
كما شهدت الخلوة جلسة حوارية مع البروفيسور سُميترا دوتا، عميد كلية سعيد للأعمال بجامعة أكسفورد، تحدث فيها عن “السيادة المبرمجة” وأهمية تعزيز الثقة الرقمية في مواجهة التحولات التكنولوجية.
واختتمت الخلوة بعرض تعريفي حول الاستطلاع العالمي للوزراء، الذي تجريه مؤسسة القمة العالمية للحكومات سنوياً، حيث استعرضت ريم بجاش، نائب مدير القمة، وشاكيرا أبي أكينوتيه، مديرة علاقات المتعاملين في شركة PwC، أهداف الاستطلاع ومخرجاته، وكيف يسهم في تعزيز الحوار بين الوزراء حول العالم، وتحديد أولويات التنمية والسياسات الحكومية الأكثر فعالية.