الخميس, 09 أكتوبر, 2025


بعد 35 عاماً على رحيله.. الشيخ راشد بن سعيد صانع نهضة دبي الحديثة
en
06 أكتوبر 2025
الشيخ راشد بن سعيد

تُحيي دولة الإمارات العربية المتحدة، غداً، الذكرى الخامسة والثلاثين لوفاة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيّب الله ثراه، باني نهضة دبي الحديثة، الذي ارتبط اسمه بتحول الإمارة إلى مدينة عالمية مزدهرة ومليئة بالإنجازات العملاقة التي أرست الأسس الصلبة لمستقبلها المشرق.

في هذا اليوم، يستحضر أبناء الإمارات مسيرة قائدٍ استثنائي امتلك رؤية بعيدة المدى، وبصيرة ثاقبة بالمستقبل، وكان من أوائل من أدركوا أهمية التخطيط الاستراتيجي، والتنمية المستدامة، والاستثمار في الإنسان أولاً قبل البنيان.

توفي الشيخ راشد، رحمه الله، في السابع من أكتوبر عام 1990 (الموافق 18 ربيع الأول 1411 هـ)، عن عمر ناهز 78 عاماً، أفناها في خدمة وطنه وشعبه، مقدماً كل ما يملك من وقت وجهد وعطاء لتحقيق مسيرة الخير والنماء لدبي والإمارات.

مؤسس النهضة الحقيقية

منذ توليه مقاليد الحكم في دبي عام 1958، بدأ الشيخ راشد مرحلة تأسيس النهضة الحديثة للإمارة، حيث أطلق مشاريع كبرى رغم محدودية الموارد والإمكانات في ذلك الوقت. أنشأ طرقاً وجسوراً ربطت ضفتي الإمارة، ووسع خور دبي، وعزّز موقعها التجاري عبر بناء المزيد من الموانئ، ما جعل دبي بوابة تجارية بين الشرق والغرب.

كان يؤمن بأن التنمية الحقيقية لا يمكن أن تتم من دون بنية تحتية قوية تواكب الطموحات، فعمل على تحويل رؤيته إلى واقع ملموس بمشاريع سباقة، رسّخت مكانة دبي كمركز اقتصادي مزدهر.

إنجازات شكلت تحولاً نوعياً

شكّلت مشاريع الشيخ راشد نقلة نوعية في تاريخ دبي، حيث افتتح مطار دبي الدولي في 30 سبتمبر 1960، ثم دشن ميناء راشد في أكتوبر 1972، الذي أصبح أحد أهم الموانئ في المنطقة، وساهم بقوة في دعم الاقتصاد المحلي.

كما عمل على تنشيط حركة التجارة البحرية عبر خور دبي، وشجع التجارة الحرة وجذب الشركات العالمية، ما أسهم في تحويل دبي إلى مركز تجاري دولي. كما أسس منظومة حكومية وإدارية متقدمة، وضعت قواعد الحوكمة والتنظيم في الإمارة.

قائد إنساني قريب من الناس

كان الشيخ راشد قائداً قريباً من أبناء شعبه، يشاركهم همومهم ويزورهم في الأسواق والمجالس، ويتابع بنفسه سير تنفيذ المشاريع. كان يرى أن الإنسان هو جوهر التنمية، فحرص على توفير التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية للجميع، إيماناً منه بأن بناء الإنسان هو أساس بناء الوطن.

رؤية اقتصادية بعيدة المدى

امتلك الشيخ راشد رؤية اقتصادية استباقية، وكان من أوائل القادة الذين آمنوا بضرورة تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على مورد واحد. فعمل على تنمية قطاعات التجارة والسياحة والخدمات، ووضع أسس اقتصاد منفتح على العالم.

كانت هذه الرؤية هي ما مكّن دبي لاحقاً من التحول إلى مركز مالي وسياحي عالمي، يتمتع بالمرونة والقدرة على مواجهة التحديات.

أحد بناة الاتحاد

لعب الشيخ راشد دوراً محورياً في تأسيس اتحاد دولة الإمارات عام 1971، وكان من أبرز الداعمين للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، في مسيرة الوحدة، إيماناً منه بأن قوة الإمارات في اتحادها وتكاملها.

كما ساهم في توطيد العلاقات الأخوية مع الدول العربية والإسلامية، وفتح آفاقاً واسعة للتعاون الدولي.

إرث خالد في ذاكرة الوطن

بعد 35 عاماً على رحيله، لا تزال إنجازات الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاضرة في كل ركن من أركان دبي. فقد وضع أسس مدينة عالمية مزدهرة، وأثبت أن الرؤية الواضحة والعزيمة الراسخة قادرتان على صناعة المعجزات.

إنه قائد آمن بالمستقبل، وبقدرة أبناء وطنه، وخلّد اسمه في تاريخ الإمارات كرمز للبناء، والحكمة، والعطاء.