أكد معالي محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، خلال الاجتماعات السنوية لحكومة الإمارات 2025، أن دولة الإمارات أصبحت اليوم محطة اقتصادية عالمية رئيسية، ومركز اهتمام قادة الرأي وصناع القرار حول العالم.
وأشار معاليه إلى أن العالم يمر بمرحلة انتقالية تتسم بالشكوك الاقتصادية، وتصاعد الاستقطاب الجيوسياسي بين الشرق والغرب، خصوصًا في مجالات التجارة والتكنولوجيا والاقتصاد والتمويل. وعلى الرغم من هذا المشهد، تواصل دولة الإمارات مسيرتها بثقة، مستندة إلى خمسة ثوابت وطنية توجه قراراتها وسياساتها منذ تأسيسها:
1. الانفتاح الاقتصادي
تبنت دولة الإمارات مبدأ الانفتاح الاقتصادي منذ تأسيسها، بهدف جذب العقول والمواهب، وتشجيع الاستثمار، وتسهيل حركة التجارة، وبناء شراكات اقتصادية وتجارية مع مختلف دول العالم. ويُعد هذا التوجه أحد الركائز الأساسية لتنويع الاقتصاد الوطني.
وأكد معاليه ما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في القمة العالمية للحكومات عام 2015:
“نريد أن نحتفل بتصدير آخر برميل نفط بعد 50 عامًا.”
واليوم، تُسهم الأنشطة غير النفطية بنسبة 77.5% من الناتج المحلي الإجمالي للنصف الأول من عام 2025، مع هدف واضح لرفعها إلى 80% بحلول عام 2031 – ومن المتوقع تحقيق ذلك قبل الموعد المحدد.
وسجلت التجارة الخارجية غير النفطية للسلع والخدمات نحو 27 تريليون درهم خلال السنوات العشر الماضية، مع توقعات بتضاعف الرقم ليتجاوز 68 تريليون درهم بحلول 2035. كما تحتل دولة الإمارات المرتبة الخامسة عالميًا في التنافسية، وارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 48% في عام 2024 ليصل إلى 167 مليار درهم، بنمو تراكمي بلغ 226% خلال خمس سنوات.
“الانفتاح الاقتصادي ليس خيارًا مؤقتًا، بل عهد مستمر للخمسين عامًا المقبلة. رسالتنا واضحة: ستبقى الإمارات بوابة الفرص، وعاصمة الثقة، ومركز المستقبل.”
2. علاقات سياسية متوازنة
أكد معاليه أن دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، تعتمد على سياسة خارجية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة والتنمية الاقتصادية المتبادلة.
وخلال العام الماضي فقط، وقّعت الدولة اتفاقيات اقتصادية وشراكات شاملة مع 32 دولة، وحققت التجارة الخارجية غير النفطية نموًا بنسبة 24% في النصف الأول من العام.
وأضاف:
“الإمارات لا تنحاز شرقًا أو غربًا، بل تنحاز للمستقبل؛ المستقبل الذي يحمل في طياته الاستقرار والازدهار والتنمية والسلام.”
3. مرونة في العمل الحكومي
أوضح معالي محمد القرقاوي أن المرونة أصبحت جزءًا من هوية الحكومة الإماراتية. فالقرارات الحكومية تستند إلى سرعة الاستجابة والتكيف مع المستجدات، خصوصًا الاقتصادية والتكنولوجية.
وأشار إلى أن دولة الإمارات اتخذت قرارات جريئة خلال جائحة “كورونا” لدعم الاقتصاد، وتم تحديث 80% من التشريعات خلال السنوات الثلاث الماضية، مما أدى إلى قفزة تنموية كبيرة.
على سبيل المثال، ارتفع عدد الشركات المسجلة في الدولة بنسبة 235% خلال خمس سنوات، من 400 ألف شركة في 2020 إلى أكثر من 1.3 مليون شركة حتى منتصف عام 2025. كما عززت برامج الإقامة الذهبية مكانة الإمارات كوجهة أولى للأفراد ذوي الثروات الكبيرة عالميًا.
“نتعامل مع التحديات بسرعة ووعي. فالتباطؤ في زمن التحولات هو شكل من أشكال التراجع.”
4. التكنولوجيا محرك أساسي للتنمية
أكد معاليه أن دولة الإمارات تنظر إلى التكنولوجيا كركيزة أساسية لبناء الاقتصاد، وتطوير التعليم، وتحسين جودة الحياة.
وقد بدأت الدولة بالفعل بدمج الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية من الصف الأول إلى الثاني عشر. كما شهد شهر مايو الماضي إطلاق مشروع “ستارغيت”، مما يعزز مكانة الإمارات بين أكثر الدول استعدادًا للمستقبل، إلى جانب العديد من المبادرات التقنية الأخرى.
“نحن لا نواكب الثورة التقنية فقط، بل نقودها. ولا ننتظر المستقبل، بل نشارك في تصميمه وصناعته.”
5. الإنسان محور التنمية وغايتها
اختتم معالي محمد القرقاوي بالتأكيد على أن الإنسان هو جوهر التنمية وغرضها. حيث يمتلك 91% من المواطنين مساكن في الدولة، وهي من أعلى النسب عالميًا.
وفي قطاع الصحة، تحتل الإمارات مراكز متقدمة في متوسط العمر المتوقع بفضل جودة الرعاية والتغطية الصحية. كما تتصدر الدولة معدلات الالتحاق بالتعليم الابتدائي والعام عالميًا، وتحتل المرتبة التاسعة في رأس المال البشري بحسب تقارير المواهب العالمية.
وأشار إلى أن “رؤية الإمارات 2031” التي انطلقت قبل ثلاث سنوات، حققت حتى الآن 67% من مستهدفاتها في قطاعات المجتمع والاقتصاد والتعاون الدولي والنظام الحكومي.
“الإنسان هو هدف كل سياسة، ومحور كل خطة، وغايتنا بناء أفضل حياة على أرض الإمارات.”
وفي الختام، أكد معالي محمد القرقاوي أن دولة الإمارات ستمضي قدمًا على هذه الثوابت: الانفتاح على العالم، التوازن السياسي، مرونة الحكومة، الابتكار والتكنولوجيا كمحرك أساسي، والتركيز على الإنسان.
“ثوابتنا واضحة، رؤيتنا راسخة، وقيادتنا لا تعرف المستحيل.”