في خطوة نوعية نحو التحول الرقمي، أعلنت وزارة المالية و”مالية دبي” عن تنفيذ أول معاملة مالية حكومية باستخدام الدرهم الرقمي، بالتعاون مع مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي. وتُمثّل هذه الخطوة مرحلة تجريبية ضمن مشروع العملة الرقمية الوطنية، وتؤكد على ريادة الإمارات في تبنّي تقنيات المستقبل في القطاع المالي.
وتأتي هذه المعاملة في إطار برنامج التحوّل في البنية التحتية المالية الذي أطلقه المصرف المركزي، بهدف تسريع اعتماد الحلول الرقمية وترسيخ مكانة الدولة كمركز عالمي للابتكار المالي.
خطوة استراتيجية نحو اقتصاد رقمي متكامل
أكد سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، ورئيس مجلس إدارة مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، أن “الدرهم الرقمي يُمثّل ركيزة استراتيجية في مسيرة الإمارات نحو بناء اقتصاد رقمي متكامل”، مشيدًا بالتكامل الفعّال بين الأنظمة المالية على مستوى الدولة، وبالبنية التحتية التقنية التي تدعم الاستدامة المالية والنمو الاقتصادي.
من جهته، أكد سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية، التزام وزارة المالية بتسريع التحول الرقمي في إدارة المال العام، والارتقاء بمستوى الشفافية والكفاءة في المنظومة المالية الحكومية.
وفي تدوينة له على منصة “إكس”، وصف سموه المعاملة بأنها “خطوة مهمة في تاريخ التحول المالي الحكومي في دولة الإمارات”، مشيرًا إلى أن الدرهم الرقمي سيُمثّل مستقبل التعاملات المالية في القطاعين الحكومي والخاص.
محطة وطنية مهمة في مجال المدفوعات الرقمية
من جانبه، وصف محمد بن هادي الحسيني، وزير الدولة للشؤون المالية، هذه الخطوة بأنها “تحول نوعي” في توظيف التكنولوجيا المالية، وأكد أنها تفتح آفاقاً واسعة لتطوير أنظمة المدفوعات في مختلف القطاعات. واعتبر أن تنفيذ المعاملة يمثل نموذجاً رائداً للتكامل المؤسسي، ويُعزز ثقة المجتمع المالي العالمي بمنظومة الاقتصاد الإماراتي.
دور محوري للمصرف المركزي في الابتكار المالي
قال خالد محمد بالعمى، محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، إن إطلاق المرحلة التجريبية للدرهم الرقمي يُجسّد التزام الدولة بتطوير أنظمة الدفع الوطنية وتعزيز الاستقرار المالي. وأضاف أن المصرف يعمل بشكل وثيق مع شركائه لتقديم حلول مالية مبتكرة تدعم مرونة الاقتصاد الوطني وتُرسّخ مكانة الدولة الريادية عالمياً في مجال التكنولوجيا المالية.
بدوره، أعرب عبدالرحمن صالح آل صالح، المدير العام لدائرة المالية في دبي، نائب رئيس مجلس إدارة المصرف المركزي، عن شكره للقيادة الرشيدة، مؤكداً أن الإمارات كانت ولا تزال سبّاقة في تطبيق أحدث التقنيات المالية، وهو ما يعكس نضج البنية المؤسسية والتكامل العالي بين الجهات المالية الاتحادية والمحلية.
منصة «الجسر» ودورها في المعاملة
تم تنفيذ المعاملة عبر منصة “الجسر” للمدفوعات الحكومية، وهي منصة متعددة العملات الرقمية للبنوك المركزية تم تطويرها من قبل المصرف المركزي. وأوضح أحمد علي مفتاح، المدير التنفيذي لقطاع الحسابات المركزية في “مالية دبي”، أن المعاملة استغرقت أقل من دقيقتين، مشيرًا إلى أن الهدف منها هو رفع كفاءة التسويات المالية بين الجهات الحكومية، وتسريع العمليات عبر مختلف الأنظمة الاتحادية والمحلية.
وتتكامل المنصة بشكل كامل مع مبادرة الدرهم الرقمي، وتُعد قناة رقمية آمنة وفعّالة لإصدار المدفوعات الحكومية واستلامها وتسويتها، دون الحاجة إلى وسطاء، مما يُعزز من الشفافية، ويخفض التكاليف التشغيلية.
دعم للرؤية الوطنية للتحول الرقمي
تُجسّد هذه المبادرة التوجه الاستراتيجي لدولة الإمارات نحو ترسيخ اقتصاد رقمي متكامل، من خلال تعزيز الشفافية، وتسريع الإجراءات المالية، ورفع مستوى الكفاءة التشغيلية.
إن نجاح أول معاملة حكومية باستخدام الدرهم الرقمي يُمثل خطوة نوعية نحو دمج العملة الرقمية في جميع القطاعات، بما يدعم تنافسية الاقتصاد الوطني، ويُعزز الثقة في الأنظمة الرقمية، ويُمهّد لبناء مستقبل اقتصادي متكامل قائم على الابتكار والتقنيات الحديثة.