بينما يتسابق العالم لامتلاك أدوات المستقبل، تبرز دولة الإمارات كنموذج ريادي في تبني الذكاء الاصطناعي واستثماره على نطاق واسع. فقد تجاوزت استثمارات الإمارات في هذا القطاع حاجز 543 مليار درهم منذ العام الماضي، في طفرة غير مسبوقة تجسّد رؤية واضحة نحو اقتصاد يقوم على البيانات والتقنيات المتقدمة.
شركات التكنولوجيا العالمية الكبرى تعزز من وجودها في الدولة، حيث اختارت العديد منها الإمارات مقراً إقليمياً أو عالمياً، مستفيدة من البيئة التشريعية المرنة والبنية الرقمية المصنفة بين الأفضل عالمياً.
ووفقاً للتقديرات، من المتوقع أن يضيف الذكاء الاصطناعي نحو 352 مليار درهم (96 مليار دولار) إلى اقتصاد الإمارات بحلول عام 2030، أي ما يعادل 14% من الناتج المحلي الإجمالي المستقبلي. وهذا التحول يعكس انتقال الاقتصاد الوطني نحو نموذج معرفي قائم على تحليل البيانات والتكنولوجيا الحديثة.
وتعتمد هذه الطفرة الرقمية على بنية تحتية قوية، حيث جاءت الإمارات الأولى إقليمياً وضمن أفضل 20 دولة في العالم على مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي الصادر عن “أوكسفورد إنسايتس”. كما وصلت نسبة التحول الرقمي في الخدمات الحكومية إلى 99%، وتجاوزت تغطية شبكة الجيل الخامس 97%، ما يجعل الإمارات في مقدمة الدول عالمياً في جاهزية الشبكات المستقبلية اللازمة لتفعيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
في قلب هذا التحول، تنفذ الإمارات عدداً من المشاريع الرقمية الكبرى التي تعيد رسم البنية التحتية لاقتصادها الجديد. من أبرز هذه المشاريع “ستارجيت” — وهو تحالف تكنولوجي طموح يهدف إلى إنشاء منظومة حوسبة فائقة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، تعزز من قدرات الدولة وترسخ مكانتها كمركز عالمي للابتكار.
وقد ضخت شركات عالمية مثل “مايكروسوفت” أكثر من 15.2 مليار دولار في البنية السحابية وتقنيات الذكاء الاصطناعي داخل الإمارات، في دلالة واضحة على الثقة الدولية المتزايدة بقدرات الإمارات التقنية.
وتبرز “مدينة دبي للإنترنت” كمحور رئيسي للاقتصاد الرقمي، إذ تحتضن أكثر من 4000 عميل من كبريات الشركات العالمية والإقليمية، بما في ذلك شركات مدرجة على قائمة “فورتشن 500” مثل: “جوجل”، “ميتا”، “باي بال”، “إنفيديا”، و”أوراكل”، إلى جانب مئات الشركات الناشئة.
أما على مستوى القطاعات الحيوية، فإن الذكاء الاصطناعي يُحدث تأثيرات ملموسة في النقل والطاقة والخدمات المالية. فدبي تتقدم بخطى واثقة نحو أنظمة قيادة ذاتية ومرور ذكي، بينما تسهم الحلول الذكية في رفع كفاءة استهلاك الطاقة. وفي القطاع المالي، تُحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين تحولاً كبيراً في نماذج العمل.
بهذا الزخم الاستثنائي، تؤكد الإمارات أنها لا تواكب التحول الرقمي فقط، بل تقوده وتعيد تشكيله، واضعةً أسس اقتصاد رقمي عالمي الطابع، قائم على الذكاء، الابتكار، والاستدامة.