يشكّل متحف زايد الوطني، الواقع في المنطقة الثقافية في السعديات بأبوظبي، منارة معرفية وثقافية وطنية، حيث يروي تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة ويخلّد إرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، من خلال تجربة متكاملة تسرد محطات الدولة منذ العصور القديمة وحتى العصر الحديث، بهدف تعزيز الوعي بالهوية الوطنية وبناء تواصل مستدام بين الأجيال.
وقد أكّد معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، أن المتحف يُعد منصة استراتيجية للمعرفة، تدمج بين الابتكار والإرث التاريخي، وتتيح للزوار فرصة التفاعل مع تاريخ الدولة بأساليب ملهمة وتفاعلية.
وأضاف أن المتحف يحتفي بالقيم الأصيلة المتجذرة في مجتمع الإمارات منذ عقود، وهي القيم التي لا تزال تلهم الأجيال الصاعدة لتحقيق المزيد من الإنجازات الوطنية.
وأشار إلى أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، والقادة المؤسسين، بنوا الدولة على إرث حضاري عريق يمتد لآلاف السنين، وكان لهم دور محوري في دعم البعثات الاستكشافية والأثرية التي كشفت عن عمق التاريخ الإماراتي.
وأوضح أن المنطقة الثقافية في السعديات، بما تحتضنه من متاحف متنوعة، تُشكّل نموذجًا معرفيًا متكاملاً يسهم في إعداد الأجيال للمستقبل، فهذه المتاحف ليست مجرد وجهات سياحية، بل منصات علمية تقدم سرديات متعددة الأبعاد تتماشى مع تطلعات المجتمع.
وشدّد معاليه على أن متحف زايد الوطني، باعتباره المتحف الوطني للدولة، يحمل رسائل سامية مستلهمة من التزام القائد المؤسس الشيخ زايد، رحمه الله، بقيم التعليم، والهوية، والانتماء، وحماية التراث.
وقال: “قصتنا يجب أن نرويها بأنفسنا، لنعرف العالم بمسيرتنا الملهمة وتاريخنا العريق”، مؤكدًا أن افتتاح المتحف يُعد محطة تاريخية فارقة تُجسد التزام الدولة بالحفاظ على تراثها وتعزيز حضورها الثقافي على المستوى العالمي.
صالات المتحف: رحلة عبر تاريخ الإمارات
يتكوّن المتحف من ست صالات عرض رئيسية، تمثل كل منها مرحلة ومحورًا هامًا من تاريخ الدولة:
-
“بداياتنا” – تسلط الضوء على حياة وإرث وقيم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عبر سرد قصصي غني وأصيل.
-
“عبر طبيعتنا” – تستعرض تضاريس الإمارات المتنوعة وتأثيرها في أنماط الحياة عبر العصور.
-
“إلى أسلافنا” – تستكشف النشاط البشري في المنطقة منذ ما يقارب 300 ألف عام، وتتناول بدايات حركة التجارة في الخليج العربي.
-
“ضمن روابطنا” – توثق تطور اللغة العربية، وانتشار الإسلام، والمساهمات الإماراتية في مجالات المعرفة والابتكار.
-
“في سواحلنا” – تروي قصة المستوطنات الساحلية التي اعتمدت على الغوص بحثًا عن اللؤلؤ، وصيد الأسماك، والتجارة البحرية، ودورها في تعزيز الهوية الإماراتية من خلال التبادل الثقافي والسياسي.
-
“من جذورنا” – تقدم لمحة عن أنماط الحياة التقليدية والعادات الاجتماعية والاقتصادية في الماضي.
كما يضم المتحف صالة خارجية تُعرف بـ “حديقة المسار”، تأخذ الزوار في رحلة عبر البيئات الطبيعية التي أثرت في رؤية الشيخ زايد، رحمه الله، وتضم نباتات محلية من البيئة الصحراوية والواحات والمناطق الحضرية.
كنز معرفي يمتد لآلاف السنين
يمتد محتوى المتحف عبر 300 ألف عام من تاريخ الإنسان، ويضم أكثر من 3,000 قطعة أثرية، يُعرض منها 1,500 قطعة داخل صالات العرض، تشمل مكتشفات أثرية من مختلف أنحاء الدولة، إضافة إلى إعارات من مؤسسات إقليمية وعالمية ومساهمات محلية تعزز من تجربة الزائر وتبرز غنى التراث الإماراتي.
ولا يقتصر دور المتحف على العرض، بل يشمل أيضًا برامج تعليمية مخصصة للنشء، إلى جانب دعمه للأبحاث التاريخية والأثرية عبر صندوق متحف زايد الوطني للبحوث، الذي يوفر منحًا بحثية تهدف إلى دراسة التراث والثقافة الإماراتية، ما يسهم في إعداد جيل جديد من الباحثين والمؤرخين وعلماء الآثار. كما يعمل المتحف على تعزيز التعاون مع المعلمين والمؤسسات التعليمية لتشجيع الشباب على الاهتمام بهذه المجالات الحيوية.
إن متحف زايد الوطني ليس مجرد تكريم للماضي، بل هو صرح حي يعكس رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ويجسد التزام الإمارات بالحفاظ على إرثها، وتعزيز هويتها الوطنية، وربط أجيالها عبر سردية ملهمة من الفخر والمعرفة والانتماء.