في زوايا حي ديرة القديم، بالقرب من مياه خور دبي التي شهدت ولادة المدينة، يقف متحف بلدية دبي كأحد الشواهد البارزة على التحول الحضري الكبير الذي شهدته الإمارة خلال العقود الماضية. المتحف ليس مجرد مبنى تراثي، بل سجل حي يوثق مراحل تطور البلدية التي لعبت دوراً محورياً في تشكيل ملامح دبي المعاصرة.
من مقر إداري إلى معلم تراثي
تم إنشاء المبنى في عام 1957، وكان يتكوّن من طابق أرضي يحتوي على محالّ تجارية، وطابق علوي يُعرف باسم “الوكالة” أو “الخان”، استخدم كمقر سكني للتجار. وفي العام ذاته، انتقلت مكاتب بلدية دبي إلى هذا المبنى ليصبح المقر الرئيسي للبلدية حتى عام 1964، حين انتقلت الإدارة إلى مبنى جديد في شارع آل مكتوم.
في إطار جهود الحفاظ على التراث الحديث، تم اختيار المبنى ليكون جزءاً من مشروع حماية المباني والمواقع ذات القيمة التاريخية الحديثة في دبي، والذي أطلقه سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، بهدف صون ذاكرة المدينة وهويتها المعمارية.
وخضع المبنى لعملية ترميم شاملة في عام 1999، تحت إشراف إدارة التراث العمراني والآثار، بهدف الحفاظ على طابعه المعماري وتحويله إلى متحف يعرض تاريخ بلدية دبي. وتم افتتاح المتحف رسمياً عام 2006 ليكون مركزاً ثقافياً يعكس مراحل نمو المدينة.
أربع قاعات تحكي قصة بلدية دبي
يمتد المتحف على مساحة تبلغ 166 متراً مربعاً، ويضم أربع قاعات رئيسية، كل منها تسلط الضوء على جانب مهم من تاريخ البلدية:
1. قاعة المجلس البلدي
توثق هذه القاعة نشأة المجلس البلدي في خمسينات القرن العشرين، وتعرض صوراً ووثائق أصلية، إضافة إلى أدوات العمل القديمة، التي تساعد الزائر على تصور الجهود الأولى في تنظيم المدينة ووضع خططها العمرانية.
2. قاعة الهيكل التنظيمي
تتناول هذه القاعة تطور الهيكل الإداري لبلدية دبي على مدى السنوات، وتعرض كيفية توسع الأقسام وتطورها لتلبية احتياجات مدينة تنمو بسرعة.
3. قاعة مشروعات بلدية دبي
تُبرز هذه القاعة أبرز المشاريع التي نفذتها البلدية في مجالات البنية التحتية والخدمات العامة، وتضم نماذج مصغرة للمشاريع، وصوراً توثق مراحل التخطيط والتنفيذ، مع شرح لتأثير هذه المشاريع على حياة السكان اليومية.
4. قاعة إدارة بلدية دبي
تركّز هذه القاعة على الجانب الإداري والتشريعي، وتعرض سجلات رسمية وقرارات إدارية، بالإضافة إلى المبادرات الحديثة التي أطلقتها البلدية لضمان استدامة الخدمات وتحديث الأنظمة بما يعكس كفاءة الإدارة واحترافيتها.
ربط الماضي بالحاضر
اختيار هذا المبنى كموقع تراثي يأتي ضمن رؤية شاملة تهدف للحفاظ على معالم حديثة تحمل قيمة رمزية وتاريخية. متحف بلدية دبي يجسد هذه الرؤية من خلال تقديمه تجربة ثقافية ثرية تربط بين تاريخ الإدارة الحضرية وبين مستقبل المدينة الذكية.
لماذا يجب زيارة متحف بلدية دبي؟
زيارة المتحف تتيح لك:
-
التعرف على نشأة بلدية دبي وأدوارها التنظيمية
-
مشاهدة وثائق وأدوات تاريخية نادرة
-
فهم تطور الخدمات والبنية التحتية في الإمارة
-
استكشاف كيف شكّلت القرارات الإدارية مستقبل دبي
متحف بلدية دبي ليس مجرد محطة للتأمل في الماضي، بل مساحة لفهم حاضر المدينة واستشراف مستقبلها، من خلال عدسة العمل البلدي والحوكمة التي قادت التحول الحضري الكبير.