أصبح الأمن السيبراني ركيزة أساسية في منظومة الأمن الوطني الشامل. وأكد الدكتور محمد حمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، أن الدولة تتعرض يومياً إلى نحو 200 ألف هجمة سيبرانية تستهدف قطاعات حيوية مختلفة. إلا أن جاهزية الإمارات السيبرانية العالية تمكّنها من رصد هذه التهديدات والتعامل معها قبل أن تؤثر على استمرارية الخدمات أو أمن البيانات.
وفي جلسة حوارية نظمتها جمعية الإمارات للتنمية الاجتماعية في رأس الخيمة، أشار الكويتي إلى أن الإمارات تولي الاستثمار في الكوادر البشرية الوطنية أولوية قصوى، باعتبارها خط الدفاع الأول في مواجهة التحديات السيبرانية. ولفت إلى أنه تم تعيين أكثر من 5000 مواطن ومواطنة في وظائف متخصصة في مجالات الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي ضمن القطاع الخاص، في خطوة تهدف إلى تمكين الشباب وإشراكهم في صناعة مستقبل الدولة الرقمي.
وأكد أن تمكين الشباب لم يعد خياراً مؤقتاً، بل أصبح توجهاً وطنياً راسخاً تنتهجه القيادة الرشيدة، إدراكاً منها بأهمية العنصر البشري في حماية الفضاء السيبراني إلى جانب التكنولوجيا والتشريعات المتقدمة.
نهج استباقي لرؤية مستقبلية
وأوضح الكويتي أن الإمارات اعتمدت منهجاً متكاملاً واستباقياً في بناء منظومتها السيبرانية، بحيث أصبح الأمن الرقمي جزءاً من رؤيتها المستقبلية، من خلال تطوير الاستراتيجيات الوطنية، ورفع المعايير الأمنية، وتعزيز التكامل بين الجهات التقنية والأمنية. كل ذلك بهدف بناء بنية سيبرانية وطنية قادرة على حماية المكتسبات الرقمية ودعم التحول نحو اقتصاد رقمي آمن ومستدام.
وأشار إلى الدور المتنامي الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في مكافحة حملات التضليل الرقمي والحروب المعلوماتية، بفضل قدرته على تحليل البيانات الضخمة وتتبع أنماط السلوك الرقمي، مما يسمح بكشف الحملات المنظمة ضد الدولة وتحديد مصادرها والجهات التي تقف خلفها.
الإرهاب السيبراني وتحوّل أدواته
أكد الكويتي أن الإرهاب السيبراني لم يعد مقتصراً على اختراق الأنظمة أو تعطيل الخدمات، بل تطوّر ليشمل التضليل الإعلامي ونشر الشائعات وتزييف الحقائق عبر المنصات الرقمية، وهو ما تتعامل معه الإمارات عبر مزيج من التحليل البشري وأدوات الذكاء الاصطناعي لتعزيز سرعة الاستجابة ودقة اتخاذ القرار.
وحذّر من أن التهديدات السيبرانية لا تفرّق بين جهة حكومية أو خاصة أو أفراد، مشيراً إلى أن ما يُعرف بـ “ساعة الصفر” قد تطال أي كيان لا يمتلك الجاهزية الكافية. وهذا الواقع يفرض على الجميع الالتزام بالسياسات والمعايير الوطنية، ورفع مستوى الوعي والاستعداد لمواجهة التطورات السريعة في هذا المجال.
مخاطر الذكاء الاصطناعي وسوء استخدامه
أوضح الكويتي أن الاستخدام غير المسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تسريبات بيانات أو تسهيل عمليات اختراق معقدة، مشيراً إلى بروز ظواهر مثل التزييف العميق الذي يمكن أن يُستخدم لخداع المستخدمين والتأثير على الرأي العام.
وأكد أن الإمارات تعمل بشكل وثيق مع شركائها الاستراتيجيين لرصد هذه التهديدات والتصدي لها من خلال منهج استباقي يضمن حماية الفضاء الرقمي الوطني واستدامة الخدمات الحيوية.
التنمر الإلكتروني والابتزاز الرقمي
وصف الكويتي التنمر الإلكتروني والجرائم الرقمية والابتزاز بأنها من أخطر أشكال التهديدات السيبرانية التي تستهدف الأفراد والمجتمع، لما تسببه من آثار نفسية واجتماعية واقتصادية قد تؤثر على استقرار الأسر وثقة الأفراد في الفضاء الرقمي.
وأشار إلى أن هذه الجرائم تستغل سهولة الوصول إلى المعلومات ومنصات التواصل الاجتماعي للتلاعب والضغط النفسي، خصوصاً على فئتي الأطفال والشباب، مما يجعلها تهديداً مجتمعياً خطيراً إلى جانب كونها تهديداً سيبرانياً.
وشدّد على أن التصدي لهذه الممارسات يتطلب رفع الوعي المجتمعي بثقافة الاستخدام الآمن للتكنولوجيا، وتكثيف الحملات التوعوية، وتطوير الأطر القانونية، وتفعيل آليات الاستجابة السريعة، مع تعزيز دور الأسرة والمؤسسات التعليمية والإعلام في بناء جيل رقمي واعٍ.
ألعاب إلكترونية تشكل خطراً على الشباب
حذر الكويتي من بعض الألعاب الإلكترونية التي تتيح خاصية المكالمات أو تقدم مكافآت مادية، لما تشكله من مخاطر سيبرانية وسلوكية على فئة المراهقين. حيث يتم استغلالها أحياناً كقنوات للتواصل غير الآمن أو الاستدراج والابتزاز، بالإضافة إلى تأثيرها السلبي على الصحة النفسية والتركيز والتحصيل الدراسي.