
نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة في بناء منظومة عمل متكاملة ورؤية استراتيجية طموحة لقيادة ملف تمكين المرأة، عبر جهود منظمة تهدف إلى الارتقاء بمكانة المرأة، ومعالجة التحديات التي تواجهها، وتأهيلها لتولي المناصب القيادية في شتى المجالات. ويعكس هذا النهج المتكامل مدى التزام الدولة بتحقيق التوازن بين الجنسين، وتعزيز تنافسيتها إقليمياً وعالمياً في هذا المجال الحيوي.
وفي هذا السياق، برزت جهود عدد من المؤسسات الوطنية الرائدة، مثل مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين ومؤسسة دبي للمرأة، إلى جانب العديد من الجهات المعنية بتمكين المرأة. وأسهمت هذه المؤسسات بشكل فعّال في تطوير المهارات القيادية للمرأة الإماراتية، وإعدادها لتولي مناصب عليا في القطاعين الحكومي والخاص، بالتعاون مع مؤسسات دولية مرموقة.
وأكدت موزة محمد الغويص السويدي، الأمين العام لمجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، أن المجلس يواصل جهوده لزيادة مشاركة المرأة في القطاع الخاص، ورفع نسبة تمثيلها في المناصب القيادية، من خلال تبني استراتيجيات ومبادرات تُعزز بيئة العمل المتوازنة والشاملة، ضمن رؤية الإمارات الرامية إلى تعزيز دور المرأة كشريك رئيسي في مسيرة التنمية المستدامة.
وأشارت إلى التعاون القائم مع شركاء استراتيجيين من القطاعين الحكومي والخاص، ومن أبرز هذه المبادرات: “تعهد تسريع الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة”، الذي يهدف إلى رفع نسبة تمثيل المرأة في المناصب القيادية في القطاع الخاص. وقد أُطلق هذا التعهد بالتعاون مع اللجنة الوطنية لأهداف التنمية المستدامة والمجلس الاستشاري للقطاع الخاص بشأن الأهداف، ويعد الأول من نوعه عالمياً على مستوى القطاع الخاص.
وقد انضمت العديد من الشركات الوطنية والعالمية العاملة في الدولة إلى هذا التعهد، حيث التزمت طوعياً بزيادة نسبة تمثيل المرأة في المناصب القيادية في المستويات الإدارية العليا والوسطى لتصل إلى 30% على الأقل بحلول عام 2025 للمجموعة الأولى، وبحلول عام 2028 للشركات المنضمة في المرحلة الثانية.
وأكدت السويدي أن هذه الجهود بدأت تؤتي ثمارها من خلال تقدم ملموس في نسب تمثيل المرأة في القطاع الخاص، خصوصاً على مستوى المناصب التنفيذية، مشيرة إلى أن التنوع والتوازن في مواقع القيادة يعززان من الابتكار والحَوْكمة، ويؤسسان لاقتصاد أكثر شمولية واستدامة وتنافسية.
ويُذكر أن استراتيجية التوازن بين الجنسين لدولة الإمارات 2026 تهدف إلى سد الفجوة بين الجنسين في مختلف القطاعات، وتعزيز تصنيف الدولة في تقارير التنافسية العالمية ذات الصلة. وقد حققت الإمارات في هذا الإطار المركز الأول إقليمياً في تقرير “الفجوة بين الجنسين” الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2025، كما احتلت المرتبة 13 عالمياً والأولى إقليمياً في تقرير “مؤشر المساواة بين الجنسين” الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للعام ذاته.
من جهتها، أكدت نعيمة أهلي، المدير التنفيذي لمؤسسة دبي للمرأة، أن تمكين المرأة الإماراتية في المناصب القيادية يمثل محوراً استراتيجياً أساسياً لدى المؤسسة. وتسعى المؤسسة باستمرار إلى تطوير وتنفيذ برامج تدريبية متقدمة تسهم في تنمية وصقل المهارات القيادية للمرأة الإماراتية في مختلف القطاعات، مع التركيز على تأهيلها لتولي مناصب قيادية في مؤسسات عالمية، من خلال برامج متخصصة يتم تنفيذها بالتعاون مع جامعات ومؤسسات تعليمية دولية مرموقة في مجال القيادة التنفيذية.
وأوضحت أهلي أن هذه البرامج لا تقتصر على تزويد المشاركات بالمعارف والمهارات الحديثة، بل تهدف أيضاً إلى تعزيز ثقتهن بأنفسهن، وفهم ديناميكيات القيادة في بيئات عمل متغيرة، بما يمكنهن من اتخاذ قرارات فعّالة في مواقع صنع القرار.
وقد تضمنت البرامج الأخيرة التي نفذتها المؤسسة كلاً من: برنامج “المرأة في مجالس الإدارة العالمية”، وبرنامج “SheLeads” لإعداد القيادات النسائية المستقبلية، وبرنامج “تمكين بلس” لرئيسات اللجان النسائية في الدوائر الحكومية والقطاعات شبه الحكومية.
من خلال هذه الجهود المتكاملة والتعاون الوثيق بين مختلف القطاعات، تواصل دولة الإمارات تأكيد مكانتها كنموذج عالمي ملهم في تعزيز القيادة النسائية. ويعكس هذا الالتزام رؤية راسخة نحو تحقيق التوازن بين الجنسين، وخلق بيئة تضمن تكافؤ الفرص، وتسهم بفاعلية في دفع عجلة التنمية الشاملة والمستدامة.