كشفت مؤسسة دبي للمستقبل عن مشروع مبتكر يحمل اسم ري-ليف (Re-Leaf)، يهدف إلى قياس تأثير تبريد الأشجار في مدينة دبي وعدد من مدن العالم باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل الصور الحرارية والفضائية. وقد تم تطوير هذا المشروع في “مختبر سنسبل سيتي” بمدينة دبي، بإشراف مختبرات دبي للمستقبل، وبالشراكة مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، ليكون أول مختبر تابع للمعهد في منطقة الشرق الأوسط، أُطلق رسميًا عام 2023.
وتم عرض المشروع ضمن فعاليات المعرض الدولي الـ19 للعمارة (بينالي 2025) في مدينة البندقية بإيطاليا، حيث نال اهتماماً واسعاً.
التقنية المستخدمة
يعتمد مشروع ري-ليف على مزيج من تقنيات الرؤية الحاسوبية، والذكاء الاصطناعي، وتحليل صور الأقمار الصناعية والتصوير الحراري، لدراسة أكثر من 2000 شجرة في مدن مختلفة مثل دبي، أمستردام، لوس أنجلوس، وروما. ويهدف إلى إنشاء أول قاعدة بيانات مقارنة للغطاء النباتي الحضري، تُمكّن من تقييم الأداء البيئي للأشجار في السياقات المناخية المختلفة.
ومن أبرز عناصر العرض في البينالي كانت هياكل ضخمة تُشبه ناطحات السحاب، صُمّمت لتمثّل مستويات الغطاء الأخضر في كل مدينة، في مشهد بصري يُبرز الدور الأساسي للأشجار في الحد من ارتفاع درجات الحرارة.
تبريد طبيعي في مواجهة الحرارة
أظهرت نتائج المشروع أن الأشجار يمكن أن تكون أكثر برودة بمقدار يصل إلى 15 درجة مئوية مقارنة بالأسطح الحضرية المحيطة، مما يعزز من أهمية وجودها في المدن، خاصة في المناطق الجافة مثل دولة الإمارات، حيث تفرض درجات الحرارة المرتفعة وشح المياه تحديات بيئية كبيرة.
كما أظهر التحليل أن الأشجار المحلية المقاومة للجفاف تقدم أداءً أفضل في خفض درجات الحرارة مقارنة بأنواع الزينة غير المناسبة للمناخ المحلي.
منصة مرنة للمدن المستقبلية
يوفر مشروع ري-ليف منصة قائمة على البيانات، قابلة للتوسّع، تُساعد المدن على الاستفادة من أنظمة التبريد الطبيعية في ظل تفاقم آثار التغير المناخي وازدياد موجات الحر. وهو يُقدّم أداة علمية تدعم صُنّاع القرار ومخططي المدن لتوظيف الأشجار بطريقة استراتيجية تُحسّن جودة الحياة وتقلل الاعتماد على أنظمة التبريد الاصطناعي.
من الزينة إلى البنية التحتية
قال كارلو راتي، مدير “مختبر سنسبل سيتي” التابع لمعهد MIT، إن العالم يشهد ارتفاعاً مستمراً في درجات الحرارة، ما يجعل من الضروري النظر إلى الأشجار كجزء من البنية التحتية الحضرية، وليست مجرد عناصر جمالية. وأشار إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي اليوم تُمكّن من قياس هذا الدور الطبيعي بدقة غير مسبوقة.
استشراف مدن المستقبل
من جانبه، أوضح خليفة القامة، مدير مختبرات دبي للمستقبل، أن المشروع يُجسد رؤية المؤسسة في دعم البحث العلمي التشاركي، واستخدام التكنولوجيا المتقدمة والشراكات العالمية لتطوير حلول بيئية مستدامة، مؤكداً أن المساحات الخضراء هي من ركائز البنية التحتية للمدن الذكية والمستدامة.
يُذكر أن “مختبر سنسبل سيتي” في دبي يعمل على تطوير تقنيات متقدمة لتحسين جودة الحياة، واختبار أفكار وتجارب واقعية في المدن، من خلال توظيف البيانات والذكاء الاصطناعي كأدوات رئيسية لتصميم مستقبل أكثر استدامة.