
في أحد أحياء الشارقة البسيطة خلال ستينيات القرن الماضي، كانت خطوات شاب يركض خلف الكرة في أزقة الحي تحمل بداية حكاية استثنائية. لم يكن أحد يتوقع أن هذا الشاب الهادئ، الذي يلعب بشغف وبلا ضجيج، سيصبح يومًا ما أحد أعظم رموز كرة القدم في الإمارات. إنه عدنان الطلياني، الاسم الذي بقي راسخًا في ذاكرة كل من تابع اللعبة واحبها.
عدنان لم يأتِ من عائلة مشهورة ولا من خلفية رياضية فاخرة. بدأ مثل كثيرين غيره، بلعب الكرة والكرة الطائرة في نادي الشعب. وفي أحد الأيام، وبينما كان يشارك في مباراة عادية، لفت أنظار رئيس النادي الذي رأى فيه موهبة فريدة. وهكذا، بدأ مشوار لم يكن عاديًا أبدًا.
لاعب لنادٍ واحد… وقلب واحد
ما يميّز عدنان ليس فقط مهاراته، بل وفاؤه. على مدى حوالي 20 سنة، لعب لنادٍ واحد فقط: نادي الشعب. في زمنٍ كان فيه اللاعبون يتنقلون بين الأندية بحثًا عن الأموال أو الشهرة، اختار عدنان البقاء مع ناديه الأول. لم يكن يبحث عن العناوين، بل عن الانتماء.
خلال مسيرته، لعب 232 مباراة وسجل 129 هدفًا. قاد الفريق للفوز بكأس رئيس الدولة عام 1993 وكأس السوبر الإماراتي عام 1994. لكن الأهم من الألقاب، كان تأثيره وشخصيته الهادئة التي زرعت الثقة في قلوب زملائه والمشجعين.
بطل في قميص الوطن
ما جعل عدنان طلياني أيقونة وطنية هو ما فعله بقميص المنتخب الإماراتي. من 1982 إلى 1997، مثّل بلاده في 161 مباراة وسجل 52 هدفًا. لكنه لم يكن مجرد هداف؛ كان قائدًا حقيقيًا في الميدان.
اللحظة الأبرز في مسيرته كانت في تصفيات كأس العالم 1990. الإمارات كانت تخوض مباراة مصيرية أمام الصين. الدقيقة 88، والنتيجة متعادلة. حينها، سجّل عدنان هدف الفوز الذي أهّل الإمارات لكأس العالم للمرة الأولى في تاريخها. كانت لحظة لا تُنسى، ومصدر فخر لكل إماراتي.
وفي عام 1996، كان جزءًا من المنتخب الذي وصل إلى نهائي كأس آسيا على أرض الوطن، في بطولة تاريخية رغم أن اللقب لم يتحقق.
أكثر من مجرد لاعب
عدنان لم يكن لاعبًا استعراضيًا. لم يسعَ للضوء أو التصريحات. كان بسيطًا، ملتزمًا، وهادئًا. لهذا السبب أحبه الناس. وبعد اعتزاله في عام 1999، أقيم له حفل تكريمي في عام 2003 شارك فيه نادي يوفنتوس الإيطالي، كنوع من التقدير لما قدّمه لكرة القدم.
إرث لا ينسى
ربما لم يشاهد الجيل الجديد عدنان الطلياني وهو يلعب، لكن اسمه لا يزال حيًا. يذكره الكبار بإعجاب، ويحكي عنه المدربون بكل فخر. لم يكن فقط لاعب كرة، بل كان رمزًا يمثل الإخلاص والبساطة وحب الوطن.
عدنان الطلياني لم يكن صفحة في كتاب كرة القدم الإماراتية، بل هو أحد أعمدتها.